فعالية برنامج معرفى سلوکى في تنمية المهارات الاجتماعية لدى الأطفال التوحديين بدولة الکويت

نوع المستند : المقالة الأصلية

المستخلص

يمثل الاهتمام بالطفولة أحد أهم مؤشرات حضارة الأمم حيث يعد مطلباً رئيسياً تقتضيه الحاجة إلى مواجهة التخلف والتحديات العلمية والطبيعية التي تواجه المجتمع الذي يريد لنفسه البقاء والاستمرار، ولا ينسحب مصطلح الطفولة على أولئک الأطفال العاديين، بل تخطى ذلک ليمثل أيضاً الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات المختلفة، ومن بين أنواع الإعاقات الحادة التي تؤثر تأثيراً سلبياً على کافة أفراد الأسرة وخاصة على الوالدين ما يُعرف الآن في دوائر البحث العلمي بـ (إعاقة التوحد) وبدأت تلقى اهتماماً واسع النطاق من قبل العديد من الباحثين والدارسين على المستويين العالمي والمحلي (خالد الحربي، 2017، 2).
ويعد التوحد من اضطراب النمو المعقدة التي تظهر في مرحلة مبکرة من العمر وتستمر مدى الحياة. وقد يظهر لدى الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى، حيث يؤثر على مظاهر النمو المختلفة، وتتنوع تلک الاضطرابات وتؤثر بالخصائص اللغوية والاجتماعية والعقلية والانفعالية والعاطفية. وهذا بالتالي يؤثر على تفاعلهم واهتماماتهم المتنوعة، حيث يختلف الأطفال بهذا المرض فيما بينهم في قوة مظاهر الاضطراب، ذلک يحتم استخدام طرائق تعامل مختلفة ويعد التوحد من المشکلات المحيرة بالفعل، لأن الطفل التوحدي لا يبدو من نظهره الخارجي أنه يعانى من أي اضطراب بالمقارنة بالإعاقات الأخرى مثل التخلف العقلي، أو الصمم أو البکم أو العمى، فهو يبدو طبيعياً تماماً من حيث المظهر أو الشکل الخارجي، وبالتالي يصعب التعرف على الاضطراب بسهولة ودقة، ويحتاج إلى قدر کبير من المعرفة من خلال قياس أعراض المرض، وخاصة اللغة والاتصال بالمجتمع والتعامل مع الآخرين (سعد رياض، 2008 , أفنان الحربي، ومحمد الحجيلان، 2016).
ومنذ حوالى عشرين عاماً، کان التوحد نادر الحدوث حيث کان يصيب حوالى أربعة أو خمسة أطفال من کل عشرة آلاف طفل، ولکن من المؤسف أن معدل انتشار التوحد قد زاد زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، وهذه الزيادة في اضطراد مستمر لدرجة أن الدراسات التي أُجريت مؤخراً في الولايات المتحدة الامريکية قد وجدت أن التوحد قد يصيب طفلاً من کل 250 طفلاً، وفي بعض الاماکن تزداد هذه النسبة لطفل کل 150 طفلاً (جيهان مصطفي، 2008،12).
ويعتبر التوحد کحالة اضطرابيه سلوکية نمائية ذات تداعيات نفسية، حالة شائعة، وتزداد يوماً بعد يوم على خلفية ما يُوفر لها من مؤثرات وعوامل إضافية تعزز تفاقمه لا سيما إذا کان عامل الوراثة أساساً في حصوله، فالتوحد بالمبدأ ذي طبيعة وراثية (جين غوردن، 2016، 17). ومن الملامح الأساسية لاضطراب التوحد أن يعد بمثابة إعاقة اجتماعية حيث يعاني الطفل على أثرها من قصور واضح في مستوي نموه الاجتماعي فلا يصل غالبية هؤلاء الأطفال إلى المرحلة الثالثة من مراحل النمو الاجتماعي التي حددها إريکسون Erickson، وبالتالي يحدث قصور واضح وکبير في علاقاتهم الاجتماعية، ونقص أو قصور مماثل في مهاراتهم الاجتماعية اللفظية وغير اللفظية ينسحبون على أثره من المواقف والتفاعلات الاجتماعية (دعاء عبدالوارث، 2016، 168).
فالتوحد هو  اضطراب نمائي يتسم بوجود خلل في قدرة الأطفال ذوي اضطراب التوحد على الانتباه الاجتماعي واکتساب بعض المهارات الاجتماعية عند مقارنة أدائهم بأداء أقرانهم العاديين المساويين لهم في العمر الزمني، وربما هذا يعيقهم على التوافق في أثناء تعرضهم للمواقف الاجتماعية، ويطلق علماء علم النفس التربوي والصحة النفسية والتربية الخاصة على اضطراب التوحد اللغز المحير أو الإعاقة الغامضة (وليد خليفة، 2014، ص213).
وفي هذا الصدد, ألقت العديد من الدراسات الحديثة الضوء على ضعف وجوانب العجز في المهارات الاجتماعية، والتواصل والتفاعل الاجتماعي والتعاون والسلوک الاجتماعي الإيجابي لدى الأطفال التوحديين وأبرزت أن هذا الضعف يرتبط بالعديد من المشکلات السلوکية التي يعاني منها هؤلاء الأطفال (Li, Zhu & Chen, 2018).
وفي سياق متصل نشأ الإرشاد النفسي بمفهومه الواسع منذ أن وجد الإنسان، فالرغبة في مساعدة الآخرين وإرشادهم قديمة قدم الحياة نفسها، وذلک بقيام الفرد بعرض مشکلاته طلباً للمشاورة الوجدانية، أو المساعدة في حلها من المحيطين به، أمر لجأ إليه الإنسان منذ  أن بدأت العلاقات بين البشر وقد اتخذ الإرشاد قديماً أشکالاً عديدة ، مثل تقديم النصيحة (صالح الخطيب، 2003، 24).  وفي الوقت يتم تقديم خدمات الإرشاد النفسي بکافة صورها للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومن بينهم الأطفال التوحديين.
        ونظراً لجوانب العجز الاجتماعي المتنوعة لدى الأطفال التوحديين فقد حاولت العديد من الدراسات الاستفادة من ميزات التعلم التعاوني ومن خلال تطبيق معالجات تجريبية أو برامج تدريبية مستندة إلى التعلم التعاوني کما هو الحال في دراسات کل من (Johnson, 2014; Rotondo, 2004; Grim, 2003). وعلى نحو مشابه، وظفت العديد من الدراسات أساليب التعلم التشارکي/التعاوني collaborative learning سواءاً بشکله الحقيقي المباشر أو الافتراض المعتمد على تقنيات المعلومات والاتصالات کما هو الحال في دراسات کل من (Wang, Laffey, Xing, Galyen & Stichter, 2017).
ومن ناحية أخرى شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الدراسات التي تثبت فوائد النمذجة عبر الفيديو للأطفال التوحديين والذي يتضمن نمذجة المهارات الاجتماعية أمام الأطفال باستخدام فيديوهات تبرز المهارات المطلوبة. إذ تتعاطى النمذجة عبر الفيديو مع الصفات والخصائص المتفردة للطلاب التوحديين، بما في ذلک کونهم متعلمين بصريين، ولهم اهتمامات تقييدية ومتکررة (مثل مشاهدة نفس مادة الفيديو أو العرض التلفزيوني مراراً وتکراراً)؛ ويتمتعون بمهارات قوية نسبية في التقليد. کما ثبت أنها (أى النمذجة عبر الفيديو) أداة قيمة للمعلمين، والممارسين، وأفراد الأسرة. ومن شأن النمذجة عبر الفيديو أن تساعد الطلاب في اکتساب مهارات جديدة (Corbett & Abdullah, 2005).
حيث يمکن تشغيل مواد الفيديو على نحو متکرر بما يمثل فائدة للطلاب التوحديين الذين يتعلمون من خلال التکرار. بالإضافة إلى هذا، تقدم النمذجة عبر الفيديو أمثلة واقعية للمهارات المنشودة، وتستجلى الغموض الذي قد يشوب بعض أوجه التفاعل الاجتماعي وتنشئ سياقاً بصرياً محسوساً للطلاب التوحديين(Bellini & Akullian, 2007)
ونجد أن الجمع بين النمذجة عبر الفيديو والتعلم التعاوني ممثلاً في توجيه الأقران- أي جعل الأقران الطبيعيين للطلاب ذوي الإعاقة يمارسون المهارات، ويقدمون التغذية الراجعة على المهارات، ويتيحون مزيد من الفرص للاندماج الاجتماعي (Fuchs & Fuchs, 2005)- من شأنه أن يعزز ويقوي تأثير تعليم المهارات الاجتماعية.
مما تقدم، يلاحظ أن الأطفال التوحديين هم من بين الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. ويمکن القول بأن التوحد هي بالأساس إعاقة اجتماعية تتمثل مشکلتها الرئيسية في ضعف قدرة الطلاب على التواصل وعجز واضح في المهارات الاجتماعية لديهم. إن هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة إلى برامج تعليمية وإرشادية تتناسب مع خصائصهم واحتياجاتهم الخاصة. ويحتاجون بشکل خاص إلى ما يعزز قدرتهم على التواصل والتعاون مع الآخرين، وما يسمح بتوفير فرص لممارسة فعلية للمهارات الاجتماعية في سياق اجتماعي واقعي. ولذلک فربما يساعد التعلم التعاوني على تنمية المهارات الاجتماعية وبالتالي التغلب على واحد من أبرز جوانب الضعف لدى الأطفال التوحديين. وفي هذا السياق، تأتي الدراسة الحالية في محاولة للکشف عن مدى فاعلية برنامج إرشادي في تنمية برنامج إرشادي مستند إلى التعلم التعاوني في تنمية المهارات الاجتماعية لدى عينة من الأطفال التوحديين في دولة الکويت.

 

 

 

 

جامعة مدینة السادات

کلیة التربیة

قسم علم النفس

 

 

 

 

فعالیة برنامج معرفى سلوکى فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین بدولة الکویت

 

 

 

مستخلص بحث مقدم  ضمن استکمال متطلبات الحصول

على درجة الدکتوراه

تخصص- الصحة النفسیة

 

مقدمة من الطالب

فیصل حردان مهدی حسین عباس السلیسل

 

 

تحت إشراف

أ.د/ عادل عبد الله محمد

أستاذ وعمید کلیة علوم الإعاقة

جامعة الزقازیق

 

أ.م.د/ أحمد ثابت فضل

أستاذ علم النفس المساعد ورئیس قسم علم النفس بکلیة التربیة - جامعة مدینة السادات

1441هـ- 2019 م

 

 

          

 

مقدمة الدراسة:

یمثل الاهتمام بالطفولة أحد أهم مؤشرات حضارة الأمم حیث یعد مطلباً رئیسیاً تقتضیه الحاجة إلى مواجهة التخلف والتحدیات العلمیة والطبیعیة التی تواجه المجتمع الذی یرید لنفسه البقاء والاستمرار، ولا ینسحب مصطلح الطفولة على أولئک الأطفال العادیین، بل تخطى ذلک لیمثل أیضاً الأطفال ذوی الاحتیاجات الخاصة والإعاقات المختلفة، ومن بین أنواع الإعاقات الحادة التی تؤثر تأثیراً سلبیاً على کافة أفراد الأسرة وخاصة على الوالدین ما یُعرف الآن فی دوائر البحث العلمی بـ (إعاقة التوحد) وبدأت تلقى اهتماماً واسع النطاق من قبل العدید من الباحثین والدارسین على المستویین العالمی والمحلی (خالد الحربی، 2017، 2).

ویعد التوحد من اضطراب النمو المعقدة التی تظهر فی مرحلة مبکرة من العمر وتستمر مدى الحیاة. وقد یظهر لدى الأطفال خلال السنوات الثلاث الأولى، حیث یؤثر على مظاهر النمو المختلفة، وتتنوع تلک الاضطرابات وتؤثر بالخصائص اللغویة والاجتماعیة والعقلیة والانفعالیة والعاطفیة. وهذا بالتالی یؤثر على تفاعلهم واهتماماتهم المتنوعة، حیث یختلف الأطفال بهذا المرض فیما بینهم فی قوة مظاهر الاضطراب، ذلک یحتم استخدام طرائق تعامل مختلفة ویعد التوحد من المشکلات المحیرة بالفعل، لأن الطفل التوحدی لا یبدو من نظهره الخارجی أنه یعانى من أی اضطراب بالمقارنة بالإعاقات الأخرى مثل التخلف العقلی، أو الصمم أو البکم أو العمى، فهو یبدو طبیعیاً تماماً من حیث المظهر أو الشکل الخارجی، وبالتالی یصعب التعرف على الاضطراب بسهولة ودقة، ویحتاج إلى قدر کبیر من المعرفة من خلال قیاس أعراض المرض، وخاصة اللغة والاتصال بالمجتمع والتعامل مع الآخرین (سعد ریاض، 2008 , أفنان الحربی، ومحمد الحجیلان، 2016).

ومنذ حوالى عشرین عاماً، کان التوحد نادر الحدوث حیث کان یصیب حوالى أربعة أو خمسة أطفال من کل عشرة آلاف طفل، ولکن من المؤسف أن معدل انتشار التوحد قد زاد زیادة ملحوظة فی السنوات الأخیرة، وهذه الزیادة فی اضطراد مستمر لدرجة أن الدراسات التی أُجریت مؤخراً فی الولایات المتحدة الامریکیة قد وجدت أن التوحد قد یصیب طفلاً من کل 250 طفلاً، وفی بعض الاماکن تزداد هذه النسبة لطفل کل 150 طفلاً (جیهان مصطفی، 2008،12).

ویعتبر التوحد کحالة اضطرابیه سلوکیة نمائیة ذات تداعیات نفسیة، حالة شائعة، وتزداد یوماً بعد یوم على خلفیة ما یُوفر لها من مؤثرات وعوامل إضافیة تعزز تفاقمه لا سیما إذا کان عامل الوراثة أساساً فی حصوله، فالتوحد بالمبدأ ذی طبیعة وراثیة (جین غوردن، 2016، 17). ومن الملامح الأساسیة لاضطراب التوحد أن یعد بمثابة إعاقة اجتماعیة حیث یعانی الطفل على أثرها من قصور واضح فی مستوی نموه الاجتماعی فلا یصل غالبیة هؤلاء الأطفال إلى المرحلة الثالثة من مراحل النمو الاجتماعی التی حددها إریکسون Erickson، وبالتالی یحدث قصور واضح وکبیر فی علاقاتهم الاجتماعیة، ونقص أو قصور مماثل فی مهاراتهم الاجتماعیة اللفظیة وغیر اللفظیة ینسحبون على أثره من المواقف والتفاعلات الاجتماعیة (دعاء عبدالوارث، 2016، 168).

فالتوحد هو  اضطراب نمائی یتسم بوجود خلل فی قدرة الأطفال ذوی اضطراب التوحد على الانتباه الاجتماعی واکتساب بعض المهارات الاجتماعیة عند مقارنة أدائهم بأداء أقرانهم العادیین المساویین لهم فی العمر الزمنی، وربما هذا یعیقهم على التوافق فی أثناء تعرضهم للمواقف الاجتماعیة، ویطلق علماء علم النفس التربوی والصحة النفسیة والتربیة الخاصة على اضطراب التوحد اللغز المحیر أو الإعاقة الغامضة (ولید خلیفة، 2014، ص213).

وفی هذا الصدد, ألقت العدید من الدراسات الحدیثة الضوء على ضعف وجوانب العجز فی المهارات الاجتماعیة، والتواصل والتفاعل الاجتماعی والتعاون والسلوک الاجتماعی الإیجابی لدى الأطفال التوحدیین وأبرزت أن هذا الضعف یرتبط بالعدید من المشکلات السلوکیة التی یعانی منها هؤلاء الأطفال (Li, Zhu & Chen, 2018).

وفی سیاق متصل نشأ الإرشاد النفسی بمفهومه الواسع منذ أن وجد الإنسان، فالرغبة فی مساعدة الآخرین وإرشادهم قدیمة قدم الحیاة نفسها، وذلک بقیام الفرد بعرض مشکلاته طلباً للمشاورة الوجدانیة، أو المساعدة فی حلها من المحیطین به، أمر لجأ إلیه الإنسان منذ  أن بدأت العلاقات بین البشر وقد اتخذ الإرشاد قدیماً أشکالاً عدیدة ، مثل تقدیم النصیحة (صالح الخطیب، 2003، 24).  وفی الوقت یتم تقدیم خدمات الإرشاد النفسی بکافة صورها للأطفال ذوی الاحتیاجات الخاصة ومن بینهم الأطفال التوحدیین.

        ونظراً لجوانب العجز الاجتماعی المتنوعة لدى الأطفال التوحدیین فقد حاولت العدید من الدراسات الاستفادة من میزات التعلم التعاونی ومن خلال تطبیق معالجات تجریبیة أو برامج تدریبیة مستندة إلى التعلم التعاونی کما هو الحال فی دراسات کل من (Johnson, 2014; Rotondo, 2004; Grim, 2003). وعلى نحو مشابه، وظفت العدید من الدراسات أسالیب التعلم التشارکی/التعاونی collaborative learning سواءاً بشکله الحقیقی المباشر أو الافتراض المعتمد على تقنیات المعلومات والاتصالات کما هو الحال فی دراسات کل من (Wang, Laffey, Xing, Galyen & Stichter, 2017).

ومن ناحیة أخرى شهدت السنوات الأخیرة زیادة ملحوظة فی الدراسات التی تثبت فوائد النمذجة عبر الفیدیو للأطفال التوحدیین والذی یتضمن نمذجة المهارات الاجتماعیة أمام الأطفال باستخدام فیدیوهات تبرز المهارات المطلوبة. إذ تتعاطى النمذجة عبر الفیدیو مع الصفات والخصائص المتفردة للطلاب التوحدیین، بما فی ذلک کونهم متعلمین بصریین، ولهم اهتمامات تقییدیة ومتکررة (مثل مشاهدة نفس مادة الفیدیو أو العرض التلفزیونی مراراً وتکراراً)؛ ویتمتعون بمهارات قویة نسبیة فی التقلید. کما ثبت أنها (أى النمذجة عبر الفیدیو) أداة قیمة للمعلمین، والممارسین، وأفراد الأسرة. ومن شأن النمذجة عبر الفیدیو أن تساعد الطلاب فی اکتساب مهارات جدیدة (Corbett & Abdullah, 2005).

حیث یمکن تشغیل مواد الفیدیو على نحو متکرر بما یمثل فائدة للطلاب التوحدیین الذین یتعلمون من خلال التکرار. بالإضافة إلى هذا، تقدم النمذجة عبر الفیدیو أمثلة واقعیة للمهارات المنشودة، وتستجلى الغموض الذی قد یشوب بعض أوجه التفاعل الاجتماعی وتنشئ سیاقاً بصریاً محسوساً للطلاب التوحدیین(Bellini & Akullian, 2007)

ونجد أن الجمع بین النمذجة عبر الفیدیو والتعلم التعاونی ممثلاً فی توجیه الأقران- أی جعل الأقران الطبیعیین للطلاب ذوی الإعاقة یمارسون المهارات، ویقدمون التغذیة الراجعة على المهارات، ویتیحون مزید من الفرص للاندماج الاجتماعی (Fuchs & Fuchs, 2005)- من شأنه أن یعزز ویقوی تأثیر تعلیم المهارات الاجتماعیة.

مما تقدم، یلاحظ أن الأطفال التوحدیین هم من بین الأطفال ذوی الاحتیاجات الخاصة. ویمکن القول بأن التوحد هی بالأساس إعاقة اجتماعیة تتمثل مشکلتها الرئیسیة فی ضعف قدرة الطلاب على التواصل وعجز واضح فی المهارات الاجتماعیة لدیهم. إن هؤلاء الأطفال بحاجة ماسة إلى برامج تعلیمیة وإرشادیة تتناسب مع خصائصهم واحتیاجاتهم الخاصة. ویحتاجون بشکل خاص إلى ما یعزز قدرتهم على التواصل والتعاون مع الآخرین، وما یسمح بتوفیر فرص لممارسة فعلیة للمهارات الاجتماعیة فی سیاق اجتماعی واقعی. ولذلک فربما یساعد التعلم التعاونی على تنمیة المهارات الاجتماعیة وبالتالی التغلب على واحد من أبرز جوانب الضعف لدى الأطفال التوحدیین. وفی هذا السیاق، تأتی الدراسة الحالیة فی محاولة للکشف عن مدى فاعلیة برنامج إرشادی فی تنمیة برنامج إرشادی مستند إلى التعلم التعاونی فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى عینة من الأطفال التوحدیین فی دولة الکویت.

مشکلة الدراسة وتساؤلاتها :

تضافرت العدید من العوامل لبلورة معالم مشکلة الدراسة الحالیة والتی نبرزها فیما یلی:

1-   من خلال مراجعة الأدبیات المتعلقة بخصائص الأطفال التوحدیین فإننا نجد أن هؤلاء الأطفال یعانون عجزاً واضحاً فی الجوانب الاتصالیة والوجدانیة والسلوکیة والاجتماعیة وتتجسد أبرز ملامحها على الإطلاق فی ضعف المهارات الاجتماعیة لدیهم. ویؤدی هذا العجز الاجتماعی الواضح لدى هؤلاء الأطفال فی إعاقة قدرتهم على الاستفادة من فرص التعلم التعاونی التی یمکن أن تتاح سواءاً فی المدرسة أو خارجها وفی کافة المؤسسات التی یمکن أن یعملون أو یلتحقون بها لاحقاً بما یضعف من الفرص التعلیمیة والاجتماعیة ویقلص رأس المال الاجتماعی بشکل واضح لدى هؤلاء الأطفال عندما یکبرون کراشدین.

2-   من خلال مراجعة الدراسات السابقة یتضح أنه وعلى الرغم من وجود عدة دراسات تهتم بتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین فإن هناک قدر محدود للغایة من الدراسات التی حاولت الاستفادة من فرص التعلم التعاونی لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدیهم خاصةً البرامج الإرشادیة التی تستند إلى التعلم التعاونی. ولذلک؛ فإن هناک حاجة إلى تقدیم برنامج إرشادی یستند إلى التعلم التعاونی لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدیهم وهو ما یتم الترکیز علیه فی الدراسة الحالیة.

3-   یعد الاهتمام بذوی الاحتیاجات الخاصة وتعلیمهم وتدریبهم وإرشادهم بمثابة أولویة مهمة تهتم بها رأس الدولة خاصةً وفقاً لمتطلبات رؤیة کویت جدیدة 2030 والتی تعکس الاهتمام المتزاید بالدولة بذوی الاحتیاجات الخاصة والحاجة إلى دمجهم والاستفادة بهم کرأس مال للمجتمع. ولذلک؛ فإن الاهتمام بالأطفال التوحدیین یعد أمراً ضروریاً خاصةً فی مجال مساعدتهم على التکیف والاندماج فی مجتمعهم من خلال تنمیة المهارات الاجتماعیة وقدرتهم على التعلم التعاونی والاستفادة منه.

        ومما تقدم، یمکن صیاغة مشکلة الدراسة الحالیة فی ضعف المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین وضعف قدرتهم على الاستفادة من التعلم التعاونی والحاجة إلى برامج إرشادیة مستندة إلى التعلم التعاونی لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین. ویمکن التعبیر عن مشکلة الدراسة الحالیة فی صورة تساؤل رئیسی مفاده: "ما فاعلیة برنامج إرشادی مستند إلى التعلم التعاونی لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین فی دولة الکویت؟". وینبثق عن هذا التساؤل الرئیسی مجموعة التساؤلات الفرعیة التالیة:

1-   ما المهارات الاجتماعیة التی یتعین تنمیتها لدى الأطفال التوحدیین المشارکین فی الدراسة ؟

2-   کیف یمکن بناء برنامج إرشادی مستند إلى التعلم التعاونی (توجیه الأقران) والنمذجة من خلال الفیدیو لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین؟ 

3-     ما فعالیة البرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات البین شخصیة لدى الأطفال المشارکین من وجهة نظر المعلمین وفقاً لاستبیان فینلاند؟

4-     ما فعالیة البرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى کل طفل من الأطفال المشارکین ما بین مراحل خط الأساس والتدخل والمتابعة (وفقاً لبیانات بطاقة الملاحظة)؟

أهداف الدراسة:

ترکز الدراسة الحالیة على تحقیق أهداف الوصف والتفسیر والتنبؤ والتحکم. حیث یتم تحقیق هدف الوصف من خلال وصف کیفیة بناء برنامج إرشادی مقترح یستند إلى التعلم التعاونی (توجیه الأقران) والنمذجة من خلال الفیدیو لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین. کما تسعى الدراسة إلى تحقیق هدف التحکم من خلال العمل على تعدیل مستویات المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین وتنمیتها وعلاج جوانب العجز فیها. أما هدف التفسیر فیتحقق من خلال تفسیر الفعالیة المحتملة لبرنامج إرشادی على المهارات الاجتماعیة بالاعتماد على الإطار النظری والدراسات السابقة.

أهمیة الدراسة:

لهذه الدراسة أهمیة من الناحیتین التطبیقیة والنظریة على النحو التالی:

أ- الأهمیة التطبیقیة للدراسة:

        من الناحیة التطبیقیة فإن لهذه الدراسة أهمیة  کبیرة؛ حیث تعد مفیدة للفئات التالیة:

(1)    الأخصائیین والمرشدین النفسیین الذین یتعاملون مع الأطفال التوحدیین یمکن أن تکون هذه الدراسة مفیدة لهم فی تقدیم برنامج إرشادی یمکن أن یتم الاعتماد علیه فی تعزیز قدرة الأطفال التوحدیین على التعاون مع الآخرین وتنمیة المهارات الاجتماعیة لدیهم.  کما تلقی الدراسة الضوء على السبل التطبیقیة والخطوات العملیة لتوظیف النمذجة من خلال الفیدیو فی البرامج الإرشادیة المقدمة لهؤلاء الأطفال.

(2)    یمکن أن تکون هذه الدراسة مفیدة لمعلمی الأطفال التوحدیین سواء معلمی التربیة الخاصة أو المعلمین فی نظام الدمج إذ تبین سبل الاستفادة من التعلم التعاونی وتوظیفه بطریقة تطبیقیة فعالة مع هؤلاء الأطفال فی حجرة الدراسة ومواقف التدریس الیومیة.

(3)    قد تفید هذه الدراسة أولیاء أمور الأطفال التوحدیین إذ أنها توضح بعض من الإجراءات العملیة التی یمکن أن تساهم فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى أطفالهم، کما تلقی الضوء على بعض الجوانب التی فیها یمکن أن یتعاون أولیاء الأمور مع الأخصائیین النفسیین والمعلمین فی تعلیم وإرشاد أطفالهم.

الأهمیة النظریة للدراسة:

لهذه الدراسة العدید من جوانب التفرد فهی بحد علمی تعد الدراسة الوحیدة التی تجرى فی دولة الکویت والتی ترکز على الاستفادة من التعلم التعاونی (ممثلاً فی توجیه الأقران) والنمذجة من خلال الفیدیو لبناء برنامج إرشادی لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین. کما تعد هذه الدراسة وبحد علم الباحث الحالی من الدراسات القلیلة التی سعت لتوظیف النمذجة من خلال الفیدیو لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى هذه العینة من الأطفال وبالتالی تمثل الدراسة إضافة علمیة قویة للمجال خاصةً فی دولة الکویت.  کما أن هذه الدراسة تعد من بین الدراسات القلیلة بحد علمی والتی توظف التعلم التعاونی مع الأطفال التوحدیین؛ وهی بذلک تساهم إسهاماً کبیراً فی إثراء الأدبیات المتعلقة بسیکولوجیة الأطفال التوحدیین وإرشادهم.

حدود الدراسة:تلتزم الدراسة بالحدود التالیة:

- الحدود البشریة والمکانیة: عینة من الأطفال التوحدیین فی دولة الکویت ممن تنطبق علیهم المعاییر التشخیصیة الأمریکیة لتشخیص التوحد إضافة إلى قرار تعلیمی, واثبات إعاقة, وتقیر طبی صادر عن الهیئة العامة لذوی الإعاقة ووزارة الصحة بدولة الکویت. وقد تم اختیار مدارس المعرفة النموذجیة – برنامج الاحتیاجات الخاصة – لتطبیق البرنامج الإرشادی المقترح وهی من المدارس المعتمدة لدى الإدارة العامة للتعلیم الخاص والهیئة العامة لشئون ذوی الإعاقة بالکویت.

- الحدود الزمنیة: تطبیق الدراسة خلال العامین الدراسیین (2018-2019).

مصطلحات الدراسة:

 

البرنامج الإرشادی المعرفى السلوکى: Counseling Program

یُعرف البرنامج الإرشادی إجرائیاً فی الدراسة الحالیة على أنه مجموعة من الخبرات المخططة بعنایة وفقاً للاحتیاجات الإرشادیة لأطفال التوحد خاصةً المتعلقة بتنمیة المهارات الاجتماعیة لدیهم من خلال مواقف تعتمد على التعلم التعاونی.

المهارات الاجتماعیة social skills:

تُعرف إجرائیاً فی الدراسة الحالیة على أنها مجموعة من المهارات التی یحتاج أن یؤدیها الأطفال التوحدیین بسرعة ودقة فی المواقف الاجتماعیة المختلفة وتتضمن المهارات الاجتماعیة التحیة والأحادیث القصیرة - الاستجابة للحوار واللعب - المبادرة بالحوار واللعب - تناوب الأدوار، وتقاس المهارات الاجتماعیة فی الدراسة الحالیة بالدرجة التی یحصل علیها الطفل استناداً إلى بطاقة الملاحظة المعدة والتی یتم استخدامها لهذا الغرض.

التوحد: Autism

یشیر التوحد إلى إعاقة نمائیة، تصیب الاطفال فی السنوات الثلاث الاولى من العمر، وتظهر اضطرابات متعددة شدیدة، خاصة فی التواصل (اللغوی والبصری)، فهو منغلق على نفسه، مع جمود عاطفی وانفعالی، واضطراب فی الاستجابات الحسیة للمثیرات (عبد الحکیم العواس، 2011، 11).

الإطار النظرى للدراسة

مفهوم الإرشاد النفسى :

    ترى نادیة ادریس (2014) أن الإرشاد النفسی عملیة تشتمل على التعلم وتمثل محاولات جادة لمساعدة الفرد على فهم نفسه وفهم مشکلاته بطرق علمیة، ومن یقوم به هو شخص ذو مؤهلات علمیة وعملیة وفنیة قادر على تقدیم الخدمة الإرشادیة حیثما وُجد من هو بحاجة إلیها

 

ویشکل برنامج الإرشاد النفسی برنامج علمی مخطط ومنظم لتقدیم مجموعة من الخدمات الإرشادیة المباشرة وغیر المباشرة، فردیاً أو جماعیاً للآخرین بهدف مساعدتهم فی الوصول إلى الصحة النفسیة والتوافق النفسی والاجتماعی بشکل سلیم، بحیث یقوم بإعداده وتخطیطه وتنفیذه فریق من المختصین فی العمل الإرشادی (المرشد النفسی، الأخصائی النفسی، الأخصائی الاجتماعی)، وهو عملیة التدخل التی یقوم بها المرشد النفسی مع الفرد الذی یعانی من مشکلة ما بهدف تخلصه من الآثار السلبیة لها، وبالتالی العیش بانسجام مع نفسه والآخرین (ناسو سعید، وعباس علی، 2015، 15).

       

سیکولوجیة التوحد :

    یعد التوحد أحد الاضطرابات النمائیة والتطوریة الشاملة التی تظهر على الطفل خل السنوات الثلاث الأولى من عمره، ویؤثر على جمیع جوانب النمو لدیه، وأول من یلاحظ على الطفل المصاب بهذا الاضطراب هو صعوبة التواصل مع الآخرین سواء کان التواصل لفظی أو غیر لفظی، وقد یستجیب الطفل للأشخاص، فیتأخر اکتسابه للغة ومهارات اللعب والمهارات الاجتماعیة، ویعانى من قصور شدید فی التفاعل الاجتماعی والتخاطب والحوار ولا یستطیع مشارکة الأطفال العادیین ألعابهم وأنشطتهم ولا اهتماماتهم (علاء إبراهیم، 2011،11).

مفهوم التوحد :

     یمکن تعریف التوحد على أنه أحد الاضطرابات المعوقة للنمو الارتقائی على نحو یشمل کثیر من جوانب هذا النمو بالخلل أو القصور الشدیدین، وتتضح معالم الاضطراب بصورة أساسیة خلال السنوت الثلاث الأولى من عمر الطفل، وتتکشف جوانب الخلل والقصور فی نمو الإدراک الحسی واللغة والاستجابة لمثیرات البیئة ونمو الجانب المعرفی والانفعالی مما یؤدى إلى خلل واضح فی التواصل مع الآخرین والتفاعل الاجتماعی واللعب الرمزی أو التخیلی، والقیام بأنماط متکررة من السلوکیات المحدودة، وقلة الاهتمامات والأنشطة، مع میل للعزلة والانشغال بالذات والانغلاق النفسی (إبراهیم بدر، 2004، 24).

مفهوم المهارات الاجتماعیة :

         تعنى المهارات الاجتماعیة قدرة الفرد على إدراک القواعد الاجتماعیة للسلوک المقبول، ومعرفته بأحوال الخریطة النفسیة لأفراد المجتمع، لیتفاعل معهم اجتماعیاً، ویحدث تأثیراً إیجابیاً بمن حوله (إیاد دخان، 2015، 26).

 

 

دراسات سابقة :

دراسة "أکیرز وآخرون" (Akers, et. al., 2018)

هدفت الدراسة للکشف عن فائدة جدولة الأنشطة التی تنطوی على مسودات نصیة فی تدریس الأطفال ذوی اضطرابات الطیف التوحدی الانخراط فی لعب إحدى الألعاب الاجتماعیة المعقدة وبمزید من التحدید, سعت الدراسة للتحقق من إمکانیة استخدام جدولة الأنشطة فی تدریس الأطفال ذوی اضطراب الطیف التوحدی اللعب (لعبة اختبأ وابحث) مع مجموعة من الأقران، وکذلک إثبات أن الأطفال التوحدیین یمکنهم الاستمرار فی هذه اللعبة عند التقلیص التدریجی الممنهج لجدولة النشاط. وقد شارک فی الدراسة ثلاثة أطفال توحدیین فی عمر ما قبل المدرسة مثلوا العینة الرئیسیة للتدخل، بالإضافة إلى اثنی عشر طفلاً من أقرانهم طبیعی النمو. وقد اعتمدت الدراسة على المنهج التجریبی التدخلی (جدولة الأنشطة) القائم على القیاسات المتعددة لخط الأساس (المستویات الحدیة) وتنفیذ التدخل، والقیاس البعدی. وتم جمع البیانات من خلال أداة الملاحظة؛ حیث جرى تسجیل کافة الجلسات صوتیاً ومرئیاً (بالفیدیو)، وتم تسجیل السلوکیات المجدولة وسلوکیات الانخراط فی اللعبة من خلال مقیاس "تسجیل کل فرصة سانحة" Per-Opportunity الموضوع من قِبل برودهید وآخرون عام 2014. جرى کذلک تسجیل البیانات المتعلقة بمختلف العبارات المستخدمة من خلال المشارکین. وأشارت النتائج إلى أن البرنامج التدخلی القائم على جدولة الأنشطة کان فعالاً فی تعلیم الأطفال التوحدیین لعب "اختبأ وابحث"؛ حیث أنه بمجرد تنفیذ التدخل، شرع المشارکون فی الانخراط فی سلوکیات مستقلة فی اللعبة "اختبأ وابحث". أوضحت النتائج کذلک إلى أن المشارکین التوحدیین استمروا فی اللعبة بعد السحب التدریجی لکافة النصوص المتضمنة وغالبیة الجدولة للأنشطة، وقد استمر هذا الأثر فی بیئة جدیدة تم تقدیمها بعد انتهاء المعالجة التجریبیة بأسبوعین، مما یدل على بقاء أثر التعلم لدى الطلاب التوحدیین فی فترة التتبع.

 

منهج الدراسة والتصمیم البحثی

    لتحقیق أهداف الدراسة تم الاعتماد على نوعین من مناهج البحث وهما: منهجی البحث الوصفی وشبه التجریبی.

 

متغیرات الدراسة:

    کما یتضح من عنوان الدراسة وتصمیمها شبه التجریبی، تتضمن الدراسة متغیرین رئیسیین، أحدهما متغیر مستقل أو مؤثر (البرنامج الإرشادی المقترح المستند إلى التعلم التعاونی وتوجیه الأقران والنمذجة بالفیدیو)، ومتغیر تابع وهو المهارات الاجتماعیة والذی یتضمن أربعة أبعاد وهی: (التحیة والأحادیث القصیرة - الاستجابة للحوار واللعب - المبادرة بالحوار واللعب - تناوب الأدوار).

عینة الدراسة :

تم تطبیق الدراسة على عینة مختارة بشکل مقصود من الأطفال التوحدیین والذین یتم اختیارهم من مدرسة المعرفة النموذجیة بمحافظة الأحمدی بدولة الکویت ممن تتراوح أعمارهم ما بین (5-10) أعوام. واشتملت العینة على (4) أطفال من ثلاثة أولاد وفتاة واحدة، وکلهم مشخصین من ذوی اضطرابات الطیف التوحدی من قبل الهیئة العامة لشئون ذوی الإعاقة وحاصلین على تقریر طبی من وزارة الصحة و تنطبق علیهم معاییر الدلیل التشخیصی الرابع للاضطرابات النفسیة (DSM IV) الصادر عن الجمعیة الأمریکیة للطب النفسی لتشخیص الأطفال التوحدیین. وإضافة إلى الأطفال الأربعة شارک فی الدراسة أیضاً (4) معلمین من القائمین بالتدریس لهؤلاء الأطفال علیهم تم تطبیق المقابلة الشخصیة والاستبیان الذی سنأتی على ذکرهما فی أدوات الدراسة.

أدوات الدراسة

- المقابلات الشخصیة مع المعلمین:

تمثلت أول أدوات الدراسة فی استمارة المقابلة الشخصیة (ملحق رقم 3)؛ حیث قام الباحث بمقابلة معلمی الفصول للأطفال مشارکین الأربعة. وقد تم إجراء هذه المقابلات قبل البدء فی الملاحظة وجمع البیانات. وفی غضون المقابلات، طرح الباحث عدة أسئلة حول المهارات الاجتماعیة للمشارکین، وتاریخهم، وخلفیاتهم، وتفضیلاتهم، وعن الحالات التی قد تحتاج تعزیزاً. وکان الهدف من هذه المقابلات الشخصیة , المساعدة على تحدید المهارات الاجتماعیة التی ینبغی الترکیز على تنمیتها لدى الأطفال التوحدیین المشارکین فی الدراسة. 

وقد اختار الباحث المهارات الاجتماعیة المستهدفة فی ضوء المعلومات التی تم الحصول علیها أثناء هذه المقابلات الشخصیة إلى جوانب عوامل أخرى کان لها أثر فی تحدیدها. وإضافة لذلک, تم تطبیق استبیان المعلمین (والذی سنأتی على ذکره فی العنصر التالی) للحصول على المزید من المعلومات المتعلقة بالمهارات الاجتماعیة التی یمکن استهدافها.

وبعد ذلک جرت ملاحظة الأطفال التوحدیین المشارکین فی الدراسة لعدة جلسات استغرقت کل منها ٣٠ دقیقة على مدار شهر کامل لتحدید ما إذا کانت المهارات الاجتماعیة المرکز علیها فی المقابلة والاستبیان هی الأکثر ملاءمة لتکون المهارة الاجتماعیة المستهدفة.

واستناداً إلى المصادر الثلاث سابقة الذکر, أمکن للباحث تحدید (4) من المهارات الاجتماعیة التی ینبغی الترکیز علیها فی الدراسة الحالیة وهی: (التحیة والأحادیث القصیرة - الاستجابة للحوار واللعب - المبادرة بالحوار واللعب -  تناوب الأدوار).

- استبیان المعلمین:

تم تطبیق استبیان مأخوذ من مقیاس "فینلاند" للسلوک التیکفی على معلمی التوحدیین المشارکین. وهذا المقیاس هو أحد مقاییس التقییم شائعة الاستخدام مع الأطفال التوحدیین ویتمتع بدرجة عالیة جداً من الثبات والصدق فی تقییم الأداء الوظیفی الیومی للأفراد ذوی اضطراب الطیف التوحدی (Kramer, Liljenquist, & Coster, 2015; Wong, 2015). حیث استخدم الباحث البعد الخاص بالمهارات البین الشخصیة  (Sparrow, Cicchetti, & Balla, 2005) (ملحق رقم 4).

        وقد قام الباحث بتطبیق هذا الاستبیان قبل البدء فی الدراسة وبعد الانتهاء منها على کل معلم من المعلمین، وکان الهدف من ذلک مساعدة الباحث فی تحدید أی تغیرات حدثت فی المهارات الاجتماعیة للمشارکین نتیجة لتطبیق البرنامج الإرشادی المقترح. 

- بطاقة الملاحظة:

        لقیاس المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین المشارکین فی الدراسة تم استخدام بطاقة الملاحظة (ملحق 4) التی من خلالها قام الباحث بقیاس وتقویم المظاهر السلوکیة القابلة للملاحظة والتی تعکس المهارات الاجتماعیة لدی الأطفال.

        وقد تحددت أبعاد هذه البطاقة فی أربعة أبعاد تعکس أربع من المهارات الاجتماعیة والتی تم تحدیدها من قبل وهی: مهارات التحیة والأحادیث القصیرة – مهارات الاستجابة للحوار واللعب – مهارات المبادرة بالحوار واللعب -  مهارات تناوب الأدوار.

واستناداً لذلک, رکزت بطاقة الملاحظة على قیاس إلى أی مدى یمارس الأطفال التوحدیون السلوکیات القابلة للملاحظة التی تجسد المهارات الاجتماعیة موضع الاهتمام فی الدراسة. ویتم ملاحظة سلوک الطفل خلال الجلسة (سواء بمرحلة خط الأساس, أو مرحلة التدخل, أو مرحلة المتابعة) والحکم على ما إذا کان سلوکه یعکس المهارات الاجتماعیة المذکورة وفقاً لمجموعة من المعاییر والمؤشرات المقترحة. وتحت کل مهارة من المهارات وصف سلوکیات تدل على اداء المهارة, وسلوکیات أخرى تدل على عدم أداء المهارة أو الأداء بشکل خاطئ. یلی ذلک مثال توضیحی للمهارة موضع القیاس ومفتاح التصحیح ممثلاً فی المعادلة المستخدمة لتقویم سلوک الطفل الملاحظ.

وللتحقق من صدق بطاقة الملاحظة, استعان الباحث بطریقة الصدق الظاهری من خلال تحکیم الصورة الأولیة لبطاقة الملاحظة استعانة بآراء مجموعة من السادة المحکمین المتخصصین فی الصحة النفسیة والإرشاد النفسی والتربیة الخاصة للحکم على السلوکیات الدالة على المهارة والسلوکیات التی تدل على عدم أداء المهارة أو الأداء بشکل خاطئ, ودقة المعیار المستخدم فی الحکم على المهارة والمعادلات المرتبطة به. وقد أدخل المحکمون تعدیلات طفیفة عل صیاغة بعض السلوکیات والتی أخذ بها الباحث.

وللتحقق من ثبات بطاقة الملاحظة, لجأ الباحث إلى طریقة الاتفاق بین الملاحظین. حیث تم حساب الاتفاق بین اثنین من الملاحظین (الباحث وزمیل مساعد) للأطفال المشارکین الأربعة من خلال جعل طالب یدرس علم نفس بالدراسات العلیا یقوم بالتسجیل المستقل للبیانات بشکل متقطع أثناء مرحلتی التدخل (تطبیق البرنامج الإرشادی المقترح) والتتبع. وقد جرى تسجیل الاتفاق بین الملاحظین لما یقارب ١٤% من الجلسات لعبد الله، و١٢% من الجلسات لفهد، و١٣% من الجلسات لحسناء، و١٦% من الجلسات لمعاذ.

 

وبتطبیق الإجراءات سالفة الذکر متبوعة بالمعادلة, تم التوصل أن الاتفاق بین الملاحظین کان بنسبة ١٠٠% لعبد الله، و٩٢% لفهد، و٩٧% لحسناء، و٩٩% لمعاذ وکلها نسب مرتفعة تعکس تمتع بطاقة الملاحظة بمعامل ثبات مرتفع.

إعداد البرنامج الإرشادی المقترح:

        لإعداد البرنامج الإرشادی المقترح للدراسة الحالیة تم السیر على نهج الخطوات التالیة:

- تحدید الهدف من البرنامج:

        تحدد الهدف العام للبرنامج الإرشادی فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین المشارکین فی الدراسة.

- تحدید الأساس النظری للبرنامج:

        یستند البرنامج الإرشادی المقترح مستمد بالأساس إلى تحلیل السلوک التطبیقی Applied Behavior Analysis کأساس للتدخل لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین. یتمثل المبدأ الرئیسی لتحلیل السلوک التطبیقی فی أن السلوک یتم تحدیده من خلال عواقبه (Roane, Fisher & Carr, 2016).

- بنیة البرنامج الإرشادی المقترح:

        فی ضوء أهداف البرنامج الإرشادی واستناداً إلى الأسس النظریة له فقد اشتمل البرنامج المقترح على أربعة جلسات إرشادیة مدة کل منها خمس وأربعون دقیقة وتم تکرار هذه الجلسات إلى حین حدوث واضح فی نمو هذه المهارات موضع الاهتمام لدى الأطفال التوحدیین المشارکین:

أولاً: عرض النتائج :

        عرض نتائج التساؤل الأول : نص التساؤل الأول للدراسة الحالیة على: " ما أثر البرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات البین شخصیة لدى الأطفال المشارکین من وجهة نظر المعلمین وفقاً لاستبیان فینلاند؟". وللإجابة عن هذا التساؤل, قام الباحث بتطبیق استبیان فینلاند قبل البدء فی الدراسة وبعد الانتهاء منها على کل معلمی الأطفال التوحدیین الأربعة المشارکین فی الدراسة الحالیة، وکان الهدف من ذلک مساعدة الباحث فی تحدید أی تغیرات حدثت فی بعض المهارات الاجتماعیة للمشارکین بالاعتماد على وجهة نظر المعلمین.

وقد رکز الباحث على مجالین فرعی واحد فی مجال التکیف الاجتماعی Socialization المشمول فی استبیان فینلاند وهو المهارات البین شخصیة interpersonal skills  (Sparrow, Cicchetti, & Balla, 2005). وقد تم احتساب درجات الاستبیان على أساس المعیار التالی:

  • یحدث النشاط "دائماً تقریباً" (90% فأعلى)
  • یحدث  "غالباً" (50-89%)
  • یحدث "أحیاناً" (10 – 49%)
  • "نادراً" ما یحدث (أقل من10%)
  • ألا یحدث "مطلقاً" (صفر%).

وقام الباحث باحتساب درجة لکل طفل من الأطفال التوحدیین الأربعة المشارکین من وجهة نظر معلمیهم من خلال جمع درجات کل طفل مشارک قبل وبعد الدراسة وقسمتها على أعلى درجة ممکنة (20) ثم ضرب الناتج فی 100 للحصول على نسبة مئویة. ویعرض الجدول التالی هذه النتائج:

جدول (3): درجات المهارات البین شخصیة للأطفال مشارکین قبل وبعد

 تطبیق البرنامج الإرشادی من وجهة نظر معلمیهم

 

الطفل

قبل البرنامج

بعد البرنامج

عبد الله

أحیاناً (35%)

غالباً (65%)

فهد

أحیاناً (25%)

غالباً (55%)

حسناء

أحیاناً (40%)

أحیاناً (40%)

معاذ

غالباً (75%)

دائماً تقریباً (95%)

 

ومن هذا الجدول, یتضح أنه من وجهة نظر معلمی الأطفال التوحدیین الأربعة المشارکین فی الدراسة الحالیة استناداً إلى ما تم جمعه باستخدام استبیان فینلاند (بعد المهارات البین شخصیة) المطبق على المعلمین, فإنه قد کانت هناک تنمیة ملحوظة لجمیع الأطفال التوحدیین المشارکین فی درجاتهم بعد تطبیق البرنامج الإرشادی المقترح مقارنة بدرجاتهم قبل تطبیقه. وقد کانت التنمیة دالة إحصائیاً عند مستوى (0.05) (حیث بلغ متوسط الدرجات قبل تطبیق البرنامج الإرشادی 43.95، بینما بلغ المتوسط الحسابی بعد الدراسة 65.00. وکان التحسن واضحاً لثلاث أطفال من أصل الأربعة المشارکین من وجهة نظر المعلمین. وبالتالی تعکس هذه النتائج فعالیة کبیرة للبرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین فی دولة الکویت. 

وبذلک یکون قد الباحث قد تمکن من الإجابة عن التساؤل الثالث للدراسة الحالیة  والذی نص على: " ما أثر البرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات البین شخصیة لدى الأطفال المشارکین من وجهة نظر المعلمین وفقاً لاستبیان فینلاند؟".

ثانیاً: عرض نتائج التساؤل الثانى

        نص التساؤل الرابع للدراسة الحالیة على:" ما أثر البرنامج الإرشادی المقترح فی تنمیة المهارات الاجتماعیة لدى کل طفل من الأطفال المشارکین ما بین مراحل خط الأساس والتدخل والمتابعة (وفقاً لبیانات بطاقة الملاحظة)؟". وللإجابة عن هذا التساؤل, قام الباحث باستخدام تحلیل السلاسل الزمنیة البصریة Visual Time Series Analysis کأسلوب إحصائی لتحلیل البیانات المستمدة من تطبیق بطاقة الملاحظة لقیاس المهارات الأربعة موضع الاهتمام فی الدراسة الحالیة (التحیة والأحادیث القصیرة - الاستجابة للحوار واللعب - المبادرة بالحوار واللعب - تناوب الأدوار) لدى الأطفال التوحدیین المشارکین خلال المراحل الثلاث لجمع البیانات وهی مراحل خط الأساس والتدخل والمتابعة. وتعرض الأشکال الأربعة التالیة النسب المئویة للمهارات الاجتماعیة الصحیحة أثناء مراحل خط الأساس، والتدخل، والمتابعة للمشارکین الأربعة. وقد قام الباحث بملاحظة ما بین (13-24) جلسة خط أساس، وعدد (7-15) جلسة تدخل، وجلسة تتبعیة واحدة، لکل طفل. وفیما یلی توضیح النتائج الخاصة بکل طفل من الأطفال التوحدیین الأربعة على حده:

أ- نتائج الطفل "عبد الله":

        أکمل عبد الله 13 جلسة خط أساس، و14 جلسة تدخل، وجلسة تتبعیة واحدة (انظر الشکل رقم 3). وقد شهدت کل الجلسات تلقینات مستمرة للتحیة والأحادیث القصیرة؛ حیث کان یتم جمع البیانات دائماً عند وصوله للمدرسة فی الصباح. لذلک کان الباحث یلاحظ وصول عبد الله إلى المدرسة، ودخوله للفصل أثناء أول الیوم الدراسی وعندما تصل مساعدة المعلم بعد 15 دقیقة.

      وقد اشتملت جلسات خط الأساس على نفس التلقینات التی تم تقدیمها فی جلسات التدخل. وقد کان هناک اتساق بنسبة تناهز 20%  من الاستجابات الصحیحة أثناء جلسات خط الأساس، لکن لم یکن ثمة استجابات صحیحة فی أثناء الجلسات أرقام 1، 4، 9؛ بینما فی الجلستین 5، 11 کان هناک تنمیة فی الاستجابات الصحیحة بنسبة 40%، 50% إجابات صحیحة على التوالی.

وفی الجلسة رقم 14، قام الباحث بتقدیم جلسات مشاهدة الفیدیو. وقد تزایدت على إثر ذلک نسبة سلوکیات المهارات الاجتماعیة الصحیحة بوتیرة ثابتة تقریباً. وبحلول الجلسة رقم 19، کانت الاستجابات الصحیحة قد تخطت أعلى نسبة للاستجابات الصحیحة فی مرحلة خط الأساس واستمرت حتى وصلت إلى نسبة 100% من الاستجابات الصحیحة عند الوصول للجلسة رقم 25. وقد أوقف الباحث مرحلة التدخل عندما بلغت نسبة الاستجابات الصحیحة 100% فی جلستین متتالیتین. وقد أکمل الباحث جلسة تتبعیة بعد مرور أسبوعین من توقف التدخل. وفی غضون جلسة المتابعة تلک کانت نسبة الاستجابات الصحیحة لعبد الله تبلغ 90%.

ب- نتائج الطفل "فهد":

أکمل فهد 24 جلسة خط أساس، و9 جلسات تدخل، وجلسة تتبعیة واحدة (انظر الشکل رقم 4). وقام الباحث بجمع البیانات أثناء الدقائق العشر الأخیرة من الحصة لیرى ما إذا کان فهد قد قام بحوار أثناء الحصة وکذلک أول 20 دقیقة فی وقت الفسحة لتحدید ما إذا کان فهد قد بادر باللعب أو تناول غدائه مع زملائه فی الفصل أو استجاب لمبادراتهم.

ولم یقف الباحث على اتجاه ثابت للمبادرات أو الاستجابات الصحیحة فی بیانات فهد. فقد شهدت النسبة المئویة للاستجابات والمبادرات الصحیحة تزایداً حتى الجلسة السابعة، ثم شهدت تغیراً وتقلباً شدیداً مع حدوث تنمیة ونقصان طوال الفترة المتبقیة من الدراسة. وعند بدء عملیة جمع البیانات فی مرحلة خط الأساس، کان فهد ومجموعة صغیرة من الأطفال قد أتموا برنامج المهارات الاجتماعیة. وقد تم تنفیذ هذا البرنامج بغرض تنمیة المهارات الاجتماعیة للأطفال وکذلک لتیسیر تکوین صداقات فیما بینهم. وقد تمخض عن ذلک البدء فی علاقة صداقة بین فهد وأحد الأطفال. وقد أقرت مساعدة المعلم أن الطفلین (فهد وزمیله) کانا یحظیان بوقت لعب خارج المدرسة منظم من قِبل أولیاء أمرهما. وقد کانا غالباً یلعبان وحدهما، لکن أحیاناً کان ینضم إلیهما طفل ثالث من الذین أتموا برنامج المهارات الاجتماعیة.

وقد قام الباحث بتسجیل الأیام التی کان صدیق فهد غائباً فیها من المدرسة أو لم یلعب معه، وقد ارتبطت بالأیام التی کانت فیها نسبة الاستجابات أو المبادرات الصحیحة لفهد تساوی صفر. وقد قرر الباحث أن خط الأساس کان مستقراً بما یکفی للانتقال إلى مرحلة التدخل لأنه بدءا من الجلسة 20 حتى الجلسة 24 کانت الاستجابات والمبادرات الصحیحة لفهد تتراوح بین 38%-67%.

وقد بدأ الباحث بإدخال مشاهدة الفیدیو فی الجلسة رقم 25. وکانت النسبة المئویة للاستجابات الصحیحة تتزاید بوتیرة ثابتة ومستمرة، لکن الجلسات 28، 29، 33، کان هناک هبوطاً حاداً أو غیاباً تاماً للاستجابات أو المبادرات الصحیحة؛ وکانت تلک هی الأیام التی تغیب فیها صدیقه عن المدرسة أو لم یلعب معه. وقد قام الباحث بسحب التدخل بعد الجلسة رقم 33 نظراً لضیق الوقت بسبب العطلات المدرسیة.

وبعد مرور أسبوع، أجرى الباحث جلسة تتبعیة وکانت نسبة الاستجابات والمبادرات الصحیحة لفهد فیها تبلغ 72%. وبصورة إجمالیة، لم یکن واضحاً ما إذا کان التدخل قد نجح فی تنمیة المبادرة والاستجابة بالنسبة لفهد أم لا.

 ج- نتائج الطفلة "حسناء":

أکملت حسناء 17 جلسة خط أساس، و13 جلسة تدخل، وجلسة تتبعیة واحدة (انظر الشکل 5). وقد تم جمع البیانات أثناء فترة الفسحة من الساعة 10:45 إلى 11:15 صباحاً. وقد تم جمع البیانات لأول 15 دقیقة خارج الفصل حیث کان الأطفال یتناولون وجبتهم، والدقائق الخمس عشرة الأخیرة کانت فی الفناء.

وقد بدأت الاستجابة الصحیحة أثناء جلسات خط الأساس بمعدلات عالیة؛ حیث کانت نسبة المبادرات الصحیحة 43% لکنها لم تکن ثابتة. وفی غضون الجلسات 4، 6، 7، 8، 11، 12 کانت نسبة المبادرات الصحیحة تساوی صفر. وقد أصبحت المبادرات الصحیحة أکثر ثباتاً فیما بین الجلسات 13-17. وقد قرر الباحث أن خط الأساس کان مستقراً بما یکفی للانتقال إلى مرحلة التدخل فی الجلسة 17 لأن نسبة المبادرات الصحیحة کانت متسقة فی تلک الجلسات الخمس (13-17).

وقام الباحث بتنفیذ 13 جلسة تدخل، وکان یمکن ملاحظة تنمیة فی المبادرات الصحیحة بدءاً بنسبة 22% فی الجلسة 18 ووصولاً إلى نسبة 70% فی الجلسة 30. وکانت أعلى نسبة من المبادرات الصحیحة فی الجلستین 27، 28 بنسبة 78%، 75% على التوالی. وتم سحب التدخل فی الجلسة رقم 30 نظراً لمحدودیة الوقت. وبعد انتهاء التدخل بأسبوع واحد قام الباحث بتنفیذ جلسة تتبعیة، وکانت نسبة المبادرات الصحیحة لحسناء تبلغ 72% أثناءها.

 د- نتائج الطفل "معاذ":

أکمل معاذ 17 جلسة خط أساس، و7 جلسات تدخل، وجلسة تتبعیة واحدة (انظر الشکل 4). وقد قام الباحث فی البدایة بجمع البیانات أثناء جلسات أحادیة (فردیة) لمعاذ مع معلم التربیة الخاصة، لکنهما (الباحث والمعلم) لم یمرا بتجارب کافیة لإنتاج البیانات (4 محاولات أو أقل فی کل جلسة لم یکن یتم تضمینها فی البیانات). لذلک، تم تغییر عملیة جمع البیانات لمرحلة خط الأساس إلى لعبة کرة السلة أثناء وقت الحصة.

ولم یقف الباحث على اتجاه ثابت أثناء جمع البیانات فی مرحلة خط الأساس. حیث کانت الاستجابات الصحیحة فی الجلسات 1، 2، 4، 7، 14 منعدمة تماماً (صفر). فی حین شهدت الجلسة 12 النسب الأعلى من الاستجابات الصحیحة فی أثناء جمع بیانات خط الأساس؛ حیث بلغت نسبتها 67%. ومع أن النسبة المئویة للاستجابات الصحیحة کانت لا تزال تتزاید، فلم یعتقد الباحث أن خط الأساس کان مستقراً جداً، ومع ذلک فقد تم تنفیذ التدخل بدء من الجلسة رقم 18 نظراً لمحدودیة الوقت والاقتراب من العطلة المدرسیة.

وعلى مدار جلسات التدخل السبع، کان یمکن ملاحظة اتجاهاً تصاعدیاً مع حدوث انخفاض عرضی مرة واحدة فقط. وبشکل عام، من الصعوبة تحدید ما إذا کان هناک تنمیة واضحة فی الاستجابات الصحیحة، لکن یمکن ملاحظة حدوث انخفاض فی التقلب فی النسبة المئویة للسلوک المستهدف.

مناقشة وتفسیر نتائج الدراسة

یتناول هذا القسم مناقشة النتائج التی انتهت إلیها الدراسة ومقارنتها بنتائج الدراسات الأخرى بما فیها دراسة وانج (Wang, 2015) التی مثلت الأساس لهذه الدراسة. کما سیضطلع هذا القسم بمناقشة قابلیة التوظیف، ومواطن القوة، وأوجه القصور فی هذه الدراسة.

 بصورة عامة، تظهر النتائج أن البرنامج الإرشادی کان ذی تأثیر إیجابی فی تعلیم مهارات التحیة والأحادیث القصیرة. فقد کانت استجابات عبد الله الصحیحة بنسبة 100%. على مدار عدد قلیل من الجلسات، مما جعل الباحث یقوم بإیقاف البرنامج الإرشادی قبل نهایة الدراسة. بعد ذلک جرى تنفیذ جلسة تتبع بعد انقضاء أسبوعین واتضح فیها أن أثر الدراسة لا یزال قائماً.

وقد قام "أفشیوجلو" (Avcioglu, 2013)؛ وتشارلوب کریستی وآخرون
(Charlop-Christy et al., 2000)؛ ولیتراس، ومور، وأندرسون
 (Litras, Moore, & Anderson, 2010)  بدراسات مشابهة للدراسة الراهنة بغرض تحدید فعالیة برامج إرشادیة مشابهة على تنمیة سلوک التحیة. وقد وجدت الدراسات الثلاث أن النمذجة عبر الفیدیو کانت فعالة فی زیادة معدل حدوث المهارة الاجتماعیة المستهدفة، وهو ما یؤکد اتساق نتائج عبد الله مع ما انتهت إلیه الدراسات السابقة.

والجدیر بالذکر أن التلقین کان یتم استخدامه أحیاناً مع عبد الله کاستمرار لما کان یحدث معه عادة أثناء مواقف کتلک لضمان أن الموضع التجریبی یبدو فی أکثر صورة طبیعیة ممکنة. مع ذلک، فلم یقم الباحث باحتساب الاستجابة التی کانت تلی هذا التلقین مباشرة على أنها استجابة صحیحة. کذلک کان یتم استخدام التعزیز کعامل محفز لعبد الله أثناء جلسات مشاهدة الفیدیو والذی کان یتخذ شکل النظر إلى صور الرسومات المتحرکة المفضلة له أو مناقشة طبیعة اللعبة التی أحضرها معه للمدرسة بعد الانتهاء من مشاهدة الفیدیو. وقد استخدم "تشارلوب کریستی" وزملائه (Charlop-Christy et al., 2000) أیضاً التعزیز فی شکل الثناء لجعل المشارک فی دراستهم ینظر إلى النموذج. مع ذلک فلم یجر احتساب درجات على الاستجابات الصحیحة التی تلی التعزیز مباشرة أثناء جلسات خط الأساس أو التدخل فی الدراسة الراهنة.

ویُعد أثر البرنامج الإرشادی فی تنمیة مهارة المبادرة والاستجابة للحوار واللعب بالنسبة لفهد من المسائل المشکوک فی فعالیتها فی هذه الدراسة. ففی وقت الحوار، وقبل البدء فی مرحلة خط الأساس، لم یظهر فهد أی محاولة لتکوین أو تقبل صداقات. مع ذلک، فعندما بدأت جلسات خط الأساس فی مطلع الفصل الدراسی الجدید، تمت إحاطة الباحث أن ثمة برنامجاً جدیداً للمهارات الاجتماعیة کان یجری تنفیذه لفهد وأربعة طلاب آخرین فی فصله، وکانت یقوم بتنفیذه مساعد للمعلم. کما تمت إحاطة الباحث أن أحد الأطفال المشارکین فی برنامج المهارات الاجتماعیة کان یقضی وقت لعب بانتظام خارج المدرسة مع فهد لتیسیر تکوین صداقة بینهما. وعلى خلاف المشارکین الآخرین، لم یُظهر فهد ثباتاً سلوکیاً عبر جلسات خط الأساس والتدخل. على سبیل المثال، کانت معدلات المهارة المستهدفة منخفضة باستمرار فی جلسات خط الأساس ومتزایدة باستمرار فی جلسات التدخل. وکان ثمة ارتباط بین انعدام الاستجابات الصحیحة (صفر استجابة صحیحة) وبین الأیام التی کان یتغیب فیها صدیقه عن المدرسة أو یلعب مع طلاب آخرین؛ بما یوحی بأن الزیادة الحادثة فی المهارة الاجتماعیة المستهدفة لدى فهد کانت مشروطة (أو على الأقل میسرة) بصداقته بهذا الطالب بالذات.

وقد اضطلع کل "لیتراس" وزملائه (Litras et al., 2010) ؛ و"مایونی ومیراندا"  (Maione & Mirenda, 2006)؛ "وهالی" وزملائه  (Halle et al., 2016) بالبحث فی المبادرات والاستجابات الاجتماعیة. ووجد هؤلاء الباحثین جمیعهم أن البرامج الإرشادیة المشابهة کان فعالة فی زیادة المبادرات والاستجابات الاجتماعیة. کذلک انتهت دراسات أخرى لنتائج مشابهة؛ فقد وجد الزیدوی وزملائه (Alzyoudi et al., 2014)؛ وینکوبولوسی وکینان
 (Nikopoulos & Keenan, 2003) من واقع دراستهم للمبادرات والاستجابات بشکل منفصل أن النمذجة عبر الفیدیو کانت طریقة فعالة فی تنمیة المبادرات والاستجابات للحوار واللعب. لذلک، فعلى الرغم من أنه لا یمکن عزو أی تحسنات فی المبادرة والاستجابة للحوار واللعب فی حالة فهد إلى التدخل الذی تغذیه الدراسة الراهنة، فإن الدراسات السابقة توحی بأن النمذجة عبر الفیدیو فعالة فی زیادة مستوى هذه المهارات.

وقد یکون من المثیر معرفة مدى الفعالیة التی کانت ستکون علیها بالنسبة لفهد لو لم یبدأ برنامج المهارات الاجتماعیة فی نفس الوقت الذی بدأت فیه جلسات خط الأساس. مع ذلک فبمجرد انتهاء برنامج المهارات الاجتماعیة، کان التدخل قد بدأ بالفعل، ونظراً لضیق الوقت لم یستطع الباحث مواصلة الدراسة أطول من ذلک.

وقد لاحظ الباحث- بشکل عام- أن استخدام النمذجة عبر الفیدیو فی تنمیة المبادرات للحوار واللعب لحسناء کانت فعالة. ففی حین أنها لم تصل لنسبة 100% من الاستجابات الصحیحة حتى نهایة الدراسة، فقد کان هناک زیادة ملحوظة بمجرد البدء فی جلسات التدخل. ومع أن استجاباتها شهدت تقلباً فی بعض الأحیان أثناء التدخل، فقد کان سلوکها أقل تقلب عما کان علیه أثناء جلسات خط الأساس. کما أظهرت جلسة التتبع التی جرى تنفیذها بعد مرور أسبوع على سحب التدخل أن أثر التدخل کان لا یزال قائماً.

ومن المسائل التی یتعین الالتفات إلیها فی هذا الصدد أن الباحث فی أثناء ملاحظته لحسناء لاحظ أنها برغم محاولاتها للمبادرة بالحوار واللعب مع أقرانها، فإنهم لم یستجیبوا دائماً على النحو المناسب لمبادراتها. وقد ذکر معلمها أنها وبخت أقرانها خلال وقت الحصة، وهو ما قد یکون قد ترتب علیه أثراً فی طریقة استجابتهم لمحاولاتها. ویورد "سالیند وجاریک دوهانی"
(Salend & Garrick Duhaney, 1999) أن الأطفال ذوی الإعاقة غالباً ما یکونوا غیر مقبولین أو یتم الحکم بشکل مختلف عن أقرانهم طبیعی النمو. وقد یکون ذلک سبباً آخراً وراء عدم الترحیب الدائم بمحاولات حسناء للمبادرة بالحوار واللعب من جانب أقرانها.

وقد قام کل من "هالی" وزملائه (Halle et al., 2016)؛ ولیتراس وزملائه
(Litras et al., 2010)؛ ومایونی ومیرندا (Maione & Mirenda, 2006)؛ ونیکو بولوس وکینان (Nikopoulos & Keenan, 2003) بدراسة فعالیة تنمیة المبادرات الاجتماعیة باستخدام النمذجة عبر الفیدیو، واتفقت نتائجهم جمیعها على فعالیة هذه الطریقة.

وقد استعان الباحث بالتلقین أحیانا مع حسناء على غرار ما کان یقوم به معلمها قبل الدراسة. وتضمن هذا التلقین عبارات من قبیل "لماذا لا تذهبی للتحدث مع أصدقائک؟!" وقد اتفق هذا الإجراء مع ما قام به "مایونی ومیرندا" (Maione & Mirenda, 2006) اللذان استخدما التلقین فی بعض الأنشطة فی أثناء دراستهما.

وتبین نتائج تبادل الأدوار أن النمذجة عبر الفیدیو کانت فعالة بدرجة ما، إلا أن أثرها کان محدوداً. وقد قرر الباحث فی منتصف عملیة جمع البیانات لمرحلة خط الأساس أنه لم تکن هناک فرصاً کافیة لملاحظة السلوک المستهدف لمعاذ أثناء الجلسات الفردیة مع معلمه للتربیة الخاصة. على إثر ذلک، قام الباحث والمعلم بتغییر الموضع إلى بیئة أکثر طبیعیة واجتماعیة، ومع ذلک کان عدد المرات التی یمکن فیها الملاحظة فی الأسبوع لا یزال محدوداً. لکن بدأت رؤیة زیادة فوریة فی تناوب الأدوار مع تقدیم التدخل (الشکل 4)؛ وإن کانت النتائج من الوارد لتصبح أکثر وضوحاً لو کان قد أتیح إجراء المزید من الجلسات. وقد قام الباحث بتنفیذ جلسة تتبع بعد مضی أسبوع من انتهاء التدخل، واتضح فیها أن أثر التدخل لا یزال قائماً.

وقد قام کل من "کروجر، وسکولتز، وینوسم" (Kroeger, Schultz, & Newsom, 2007)؛ و "مارزولو-کیرث، وریف، وریف، وکونسیند" (Marzullo-Kerth, Reeve, Reeve, & Townsend, 2011) بدراسة فعالیة النمذجة عبر الفیدیو کطریقة لتنمیة تناوب الأدوار للأطفال التوحدیین، وانتهت الدراستان إلى وجود تحسنات إیجابیة فی السلوکیات المستهدفة للمشارکین. وقد قام الباحث فی الدراسة الراهنة باستخدام التلقین أحیاناً نظراً لأنه کان یتم استخدامه قبل الدراسة من جانب المعلم؛ علماً بأن الاستجابة الصحیحة التی تلت التلقین مباشرة لم یکن یتم احتسابها کإجابة صحیحة.

کذلک تشیر نتائج مقیاس فینلاند  الذی جرى تطبیقه قبل وبعد الدراسة إلى أن المهارات البین شخصیة قد شهدت زیادة بالنسبة لثلاث من الأطفال التوحدیین المشارکین. وقد استخدم أفشیوجلو (Avcioglu, 2013)؛ ولیتراس وزملائه  (Litras, Moore, & Anderson, 2010) التعزیز جنباً إلى جنب مع النمذجة عبر الفیدیو من أجل زیادة معدلات حدوث السلوک المنشود، إلا نتائج الدراسة الراهنة جاءت متفقة مع نتائج دراسة وونج (Wong, 2015) فی أن النمذجة عبر الفیدیو یمکن أن تکون فعالة دون وجود تعزیز.

       ویتمثل موطن القوة الأکثر وضوحاً فی الدراسة الراهنة فی حدوث تحسن إیجابی فی المهارات الاجتماعیة لثلاث من أصل الأطفال التوحدیین الأربعة المشارکین فی الدراسة، ولم یکن بوسع الباحث الحکم على مدى التأثیر الحادث على سلوک فهد.

وقد تکون الأمثلة المتعددة للمثیرات والاستجابات المتضمنة فی مقاطع الفیدیو ذات میزة داعمة للتعمیم، مقارنة بما کان سیؤول إلیه الحال إذا اکتفى الباحث بعرض مواد فیدیو للألعاب المتحرکة المفضلة للمشارک على سبیل المثال. وقد أظهرت جمیع مقاطع الفیدیو المشمولة طائفة متنوعة من المواضع، والعناصر، والممثلین، وطرق العرض المختلفة للمهارة الاجتماعیة المستهدفة. کان هنالک أیضاً تنوع فی المعلمین، ومساعدی المعلمین، والطلاب المنخرطین فی جلسات التدخل (غیر المشارکین الأصلیین الأربعة). وقد أکد الباحث على استخدام المواضع الأکثر طبیعیة وغیر إزعاجاً فی الملاحظة. فقد کان من المهم للغایة ألا یغیر حضور الباحث سلوک المشارکین أو سلوکیات معلمیهم وزملائهم تجاههم.  ومن مواطن القوة الأخرى التی تتمتع بها هذه الدراسة أن نتائج تطبیق استبیان فینلاند الصدق الاجتماعی قد أکدا على رصانة النتائج.  

        أما عن أوجه القصور فی الدراسة الحالیة, کان تقدیم التلقینات أحیاناً أثناء الدراسة وکذلک بعض التعلیمات حول کل مقطع فیدیو معناه أن الباحث لم یستطع تحدید فعالیة النمذجة عبر الفیدیو وحدها بمعزل عن أی مؤثر آخر. والنمذجة عبر الفیدیو غالباً ما تکون مقترنة بالتعزیز، والتلقین، والتدریب، ومعالجة السوابق، والتمرس على الجلسات، وتقدیم تعلیمات حول الفیدیو  وهو ما تشیر إلیه نتائج العدید من الدراسات السابقة مثل دراسات کل من: "أندرسون وآخرین" (Anderson et al., 2016)، ودراسة "الزیودی وآخرین" (Alzyoudi et al, 2015)، ودراسة "لیتراس وآخرین" (Litras et al., 2010)، ودراسة "بیلینی وأکولیان" (Bellini & Akullian, 2007)، ودراسة "مایونی ومیرندا" (Maione & Mirenda, 2006.

وکذلک لم یتحقق الباحث من آثار الأمثلة المتعددة لتعمیم المثیرات والاستجابات المستخدمة فی الدراسة، وهو الأمر الذی کان من شأنه أن یساهم فی إثراء الأدبیات المحدودة الموجودة فی هذا النطاق (Wong, 2015)، وکان یمکن أن یُمثل عاملاً مضافاً لصدق فعالیة النمذجة عبر الفیدیو فی تنمیة المهارات الاجتماعیة. کما أن القیاس التتبعی تم تنفیذه مرة واحدة، وکان ذلک بعد مرور أسبوع أو أسبوعین على سحب التدخل وإیقاف البرنامج الإرشادی المقترح. وکان من الممکن أن یکون الأمر أکثر شمولاً وفائدة لو أن قیاس التتبع جرى على أساس بعید المدى لبضعة شهور وفی عدد من الجلسات عوضاً عن جلسة واحدة. وأخیراً، فإن فعالیة النمذجة عبر الفیدیو وتوجیه الأقران فی تنمیة المهارات الاجتماعیة کانت قاصرة فی هذه الدراسة على المواضع المدرسیة، ما یعنی أن الباحث لا یسعه التعلیق عما إذا کان التحسن الحادث فی المهارات الاجتماعیة المستهدفة یمکن تعمیمه على مواضع أخرى أم لا.

رابعاً: توصیات الدراسة

فی ضوء ما أسفرت عنه نتائج الدراسة الحالیة یقدم الباحث التوصیات التالیة:

1-   تعمیم تطبیق البرنامج الإرشادی المقترح لتنمیة المهارات الاجتماعیة لدى الأطفال التوحدیین سواءً المهارات التی تم الترکیز علیها فی البرنامج الحالی أو تصمیم جلسات إرشادیة أخرى لتنمیة مجموعات متنوعة أخرى من المهارات الاجتماعیة لدى هؤلاء الأطفال.

2-   تعمیم البرنامج الإرشادی المقترح فی بیئات أخرى غیر البیئات المدرسیة مثل مراکز التربیة الخاصة وفی المنزل.

3-   تعمیم الاستفادة من أسلوب النمذجة من خلال الفیدیو کأحد الأسالیب المهمة التی من خلالها یمکن تعلیم طیف واسع من المهارات للأطفال التوحدیین.

المراجع

  1. إبراهیم الأسدی (2003). الإرشاد التربوی: مفهوم-خصائصه- ماهیته. عمان: الدار العلمیة الدولیة للنشر والتوزیع. 
  2. إبراهیم الزریقات، منال عمر (2019). فاعلیة برنامج تدریبی قائم على النمذجة بالفیدیو فی تحسین مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعی لدى عینة من الأطفال ذوی اضطراب طیف التوحد فی مدینة عمان. دراسات - العلوم التربویة: الجامعة الأردنیة - عمادة البحث العلمی، 46, (1)، 269-291.
  3. إبراهیم العثمان (2015). فعالیة تطبیق معلمی التلامیذ ذوی اضطراب التوحد لبرنامج تدریبی انتقائی فی تنمیة بعض مهاراتهم الاجتماعیة لدى هؤلاء التلامیذ.مجلة الارشاد النفسى -مصر، (42)، 203-252.
  4. إبراهیم الغنیمی (2012). فعالیة برنامج تدریبی قائم على استخدام استراتیجیة الفلورتایم فی تنمیة بعض المهارات الاجتماعیة لدى الاطفال ذوی اضطراب التوحد ذوی الوظیفة العالیة. مجلة الطفولة والتربیة (کلیة ریاض الأطفال - جامعة الإسکندریة) - مصر، 4, (12)، 251-336.
  5. إبراهیم المصری (2010). الإرشاد النفسی: أسسه وتطبیقاته. إربد: عالم الکتب الحدیث.
  6. إبراهیم بدر (2004). الطفل التوحدی تشخیص وعلاج. مکتبة الانجلو المصریة.
  7. أحمد الزعبی (2002). الإرشاد النفسی. عمان: دار زهران للنشر والتوزیع.
  8. احمد الزغبی (2003). التوجیه والإرشاد النفسی: أسسه- نظریاته –طرائقه– مجالاته– برامجه. دمشق – دار الفکر.
  9. أحمد السید (2016). فاعلیة برنامج للأنشطة الجماعیة فی تحسین مستوی التفاعل الاجتماعی لدى الأطفال التوحدیین. مجلة الارشاد النفسى -مصر، (45)، 129-176.
  10. أحمد بدیوی (2009). علم النفس الإرشادی وتطبیقاته فی مجال التربیة وتعدیل السلوک. القاهرة: مکتبة الناصر.
  11. أحمد شرادقة (2018). "فاعلیة برنامج تدریبى قائم على النظریة السلوکیة لتحسین المهارات الاجتماعیة لدى عینة سعودیة من ذوى اضطراب طیف التوحد". رسالة دکتوراه. جامعة العلوم الإسلامیة العالمیة، عمان.
  12. آرام عبد الرحیم (2016).  المساندة الاجتماعیة وعلاقتها بالرضا عن الحیاة لدى أمهات الأطفال المصابین بالتوحد بولایة الخرطوم. رسالة ماجستیر غیر منشورة. جامعة النیلین، الخرطوم.
  13. أشرف الملک (2015). فعالیة برنامج تدریبی قائم على أسلوب لوفاز فی تنمیة المهارات الاجتماعیة والتواصلیة لدى الأطفال ذوی اضطراب التوحد فی المدینة المنورة. مجلة التربیة الخاصة والتأهیل - مؤسسة التربیة الخاصة والتأهیل - مصر، 2, (8)، 1-48.
  14. أفنان الحربی، ومحمد الحجیلان (2016). اقتراح نموذج تصمیم تعلیمی یتناسب مع خصائص المتعلمین ذوی اضطراب التوحد معتمد على نموذج ADDIE لتحدید معاییر تصمیم القصص التعلیمیة الاجتماعیة الالکترونیة. مجلة التربیة الخاصة والتأهیل - مؤسسة التربیة الخاصة والتأهیل - مصر، 4, (15)، 76-113.

 

  1. Akers, J. S., Higbee, T. S., Gerencser, K. R., & Pellegrino, A. J. (2018). An evaluation of group activity schedules to promote social play in children with autism. Journal of applied behavior analysis51(3), 553-570.
  2. Alzyoudi, M., Sartawi, A., & Almuhiri, O. (2015). The impact of video modelling on improving social skills in children with autism. British Journal of Special Education, 42(1), 53-68.
  3. Anderson, A., Furlonger, B., Moore, D. W., Sullivan, V. D., & White, M. P. (in press). A comparison of video modelling techniques to enhance social- communication skills of elementary school children. International Journal of Educational Research. Retrieved from http://dx.doi.org/ 10.1016/j.ijer.2016.05.016.
  4. Anderson, K. S. (2009). Social skills training for children with autism utilizing peers as behavioral models (Order No. 3361273). Available from ProQuest Central; ProQuest Dissertations & Theses Global. (304846082). 
  5. Autism speaks. (2016). What is Autism? Retrieved from https://www.autismspeaks.org/what-autism
  6. Avcioglu, H. (2013). Effectiveness of Video Modelling in Training Students with Intellectual Disabilities to Greet People When They Meet. Educational Sciences: Theory & Practice, 13(1), 466-477.
  7. Ayres, K. M., & Langone, J. (2005). Intervention and instruction with video for students with autism: A review of the literature. Education and Training in Developmental Disabilities, 40(2), 183–196.
  8. Bellinger, J. M. (2012). Teaching social skills to students with autism spectrum disorders: Efficacy of a social learning approach (Order No. 3534707). Available from ProQuest Central; ProQuest Dissertations & Theses Global. (1272368262).
  9. Bellini, S., & Akullian, J. (2007). A metaanalysis of video modeling and video self-monitoring interventions for children and adolescents with autism spectrum disorders. Exceptional Children, 73,264–287.
  10. Bolton, J. B. (2010). Examining the effectiveness of a social learning curriculum for improving social skills and self-regulation behaviors in middle school boys with autism spectrum disorder or social skill deficits. PCOM Psychology Dissertations